أحلى منوعات النت مرحباً بكم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أقوى وأحدث الأفلام والأغاني والكليبات الأجنبية والعربية وبرامج وألعاب كاملة ونادرة ومصارعة المحترفين وشات وموبايل واعلانات مجانية
 
الرئيسيةالبوابةالتسجيلدخول
coinpayu

 

 أفضل الناجحين "محمد" خير خلق الله كلهم صلى الله عليه وسلم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ميدو البرنس
Admin
ميدو البرنس


عدد المساهمات : 2547
تاريخ التسجيل : 06/07/2009
العمر : 33
الموقع : https://oldcoins.yoo7.com/

أفضل الناجحين "محمد" خير خلق الله كلهم صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: أفضل الناجحين "محمد" خير خلق الله كلهم صلى الله عليه وسلم   أفضل الناجحين "محمد" خير خلق الله كلهم صلى الله عليه وسلم Icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 26, 2010 1:44 pm


قدوة الناجحين: أعظم الخلق محمد صلى الله عليه وسلم


الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه أحمده سبحانه وأثني عليه الخير كله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين أما بعد ..
وأنا أتجول في بساتين السيرة العطرة وتاريخ الأمة وأنا أسمع عن أطروحات العصر الجديد عن موضوعيات النجاح والطموح والأمل والتطوير والقيادة والإبداع ، وهذا بلا ريب من الضرورات والهدف من كل ذاك " صناعة الإنسان " ؛ أي: صناعة فكره وقلبه وروحه، ووراء ذلك "صناعة المجتمع والدولة والأمة " .
وإذ بأذني تلتقط كلمات صنع و صناعة الإنسان وتطويره وإلى غير ذلك مما يتعلق بشخص الإنسان ونجاحه ..فسعيت جاهدا لأقطف هته التميرات وهته النفائس والللألئ من بحر زاخر ونبع فياض دفاق من حياة حبيبنا المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار ..
سعيت لأسقط الأقنعة المزيفة والتي حاول أعداء أمتنا الأبية بكل سبيل أن يضعوا بين الأمة وبين هذا الماضي المجيد المشرق الوضيء الطاهر الحواجز والموانع والسدود، حتى لا تستمد الأمة من هذا الماضي نوراً يضيء لها الطريق، ودماء زكية لتتدفق في عروق مستقبلها وأجيالها، مع أن كل أمم الأرض تفخر بماضيها وتفخر برجالها، وتفخر بأبنائها، وأولى أمم الأرض بهذا الاعتزاز والفخار بجدارة واقتدار، بل وبشهادة العزيز الغفار هي أمة نبينا المختار، قال جل وعلا: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ [آل عمران:110]، فلا ينبغي أبداً -مع هذا الواقع النازف- أن نجرد الأمة من خيريتها، ولا ينبغي أبداً -مع حالة الضعف التي تعتري الأمة الآن- أن نسلب الأمة مكانتها التي أرادها لها ربها تبارك وتعالى، فشتان بين الإيمان والكفر! وشتان بين الطاعة والمعصية، قال تعالى: ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ [القلم:35-36]..
نعم نريد أن نوقد هذه الأمة والتي هي أولى أمم الأرض بالاعتزاز والفخار، فلقد أنجبت هذه الشامخة الأمة على طول تاريخها رجالاً سيظل التاريخ يقف أمام سِيرَهِمْ وقفة إعزاز وإجلال وإكبار، وعلى رأس هذه الأمة قدوتنا الأعظم وأسوتنا ومعلمنا ونبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم..


فإلى المثل الأعلى لنعيش أنفاسا من جوانب عظمته ومعالم شخصه الكريم بأبي وأمي هو عليه الصلاة والسلام ..إلى محمد بن عبد الله الذى زكاه ربه سبحانه وتعالى ورباه على عينه فإن الذى تولى تربية وتزكية محمد ابن عبد هو الله جلا جلاله... زكاه فى بصره فقال سبحانه: ﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾ [النجم : 17].
وزكاه فى فؤاده فقال سبحانه: ﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾ [النجم : 11].
وزكاه فى صدقه فقال سبحانه ﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾[النجم : 3] .
وزكاه فى علمه فقال سبحانه: ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ [النجم : 5].
وزكاه فى حلمه فقال سبحانه ﴿ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ [التوبة : 128 ].
وزكاه فى ذكره فقال سبحانه: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ [الشرح : 1] .
وزكاه فى طهره فقال سبحانه: ﴿وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ﴾ [الشرح : 2] .
سورة الشرح وزكاه كله فقال سبحانه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾[القلم : 4 ].
ولو طفنا نستجمع معالم رسول الله لوقفنا على مجلدات ضخمة من عظمته فقد كان معلماً رحيماً وقائد يخطط وأباً وجداً ورب أسرة كبيرة وموجهاً ومرشداً وطبيباً يداوي القلوب المريضة ويحيها بنبع القرآن العظيم كان وكان روحي فداه عليه الصلاة والسلام ..

ومما زادني شرفاً وتيهاً وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك ياعبادي وأن سيرت لي أحمد نبياً

ومن هنا نثبت أن بعض :
الدراسات التي أجريت على مجموعة من الناجحين، توصلت إلى أنهم تعلموا النجاح من خلال تقليد ناجحين سبقوهم، ويدعم هذا القول ما يذهب إليه علم النفس السلوكي أننا نتعلم السلوك من خلال البيئة المحيطة.

كما نتعلم الرياضيات في المدارس بالطريقة التقليدية في التعلم، وهذا يعني أن الباحثين عن النجاح في الحياة عليهم قبل كل شيء أن يضعوا نصب أعينهم المثال الذي يريدون تعلم النجاح منه، غير ذلك فإنهم سيواجهون طريقاً شائكاً في الوصول إلى غاياتهم وأهدافهم، وقد يكررون الوقوع في الخطأ حتى يصلوا إلى الطريق الصحيح، كما هي طريقة تعلم الفئران في تحديد الطريق الصحيح في المتاهات.


والقرآن الكريم يقدم لنا مثالاً واضحاً للناجحين ويطلب منا تمثله في حياتنا لكي نحقق انجازاً في الحياة يمكن له أن يحاكي ما حققه القدوة من انجاز، المثال هو خاتم الأنبياء والمرسلين محمد (صلى الله عليه و سلم) الذي استطاع أن يحول أمة متخلفة إلى أقوى حضارة رأتها البشـرية في لحظتها التاريخية، كما انه تحول في فترة زمنية وجيزة من يتيم إلى أقوى رجل على وجه الأرض بمقاييس الدين والدنيا.

يقول تعالى: ﴿ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة.. ﴾ والأسوة هي القدوة والمثال كما يقول المفسرون، ولاشك أن القرآن الكريم حين يطلب منا أن نجعل النبي مثالاً نقتدي به يريد لنا أن نتمثله في جانبه الإنساني الذي استطاع من خلاله أن يحقق رسالته في الحياة.

ولقد كان نجاحه عليه السلام نجاحاً منقطع النظير بكل المقاييس، أما ما يتصل بالسماء في شخصيته فلا يمكن لنا أن نصل إليه إذ هو اختيار الهي لا دخل للناس فيه.

يقول المؤرخ القدير «ويل ديورانت» في كتابه قصة الحضارة: «إذا ما حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من اثر في الناس قلنا إن محمدا كان من أعظم عظماء التاريخ.

فقد أخذ على نفسه أن يرفع المستوى الروحي والأخلاقي لشعب ألقت به في دياجير الهمجية حرارة الجو وجدب الصحراء، وقد نجح في تحقيق هذا الغرض نجاحاً لم يدانه فيه أي مصلح في التاريخ كله».

والحق ماشهدت به الأعداء :

يقول : العالم ويل ديورانت صاحب الكتاب المشهور عن "تاريخ الحضارة" في أحد عشر جزءا.
عن كتاب: أبطال من التاريخ مختصر قصة الحضارة: محمد أعظم عظماء التاريخ

".. يبدو أن أحدًا لم يعن بتعليم -محمد صلى الله عليه وسلم- القراءة والكتابة.. ولم يعرف عنه أنه كتب شيئًا بنفسه.. ولكن هذا لم يحل بينه وبين قدرته على تعرف شؤون الناس تعرفًا قلّما يصل إليه أرقى الناس تعليمًا".
"كان النبي -صلى الله عليه وسلم- من مهرة القواد.. ولكنه كان إلى هذا سياسيًا محنكًا، يعرف كيف يواصل الحرب بطريق السلم".
"إذا ما حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس قلنا إن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- كان من أعظم عظماء التاريخ، فلقد أخذ على نفسه أن يرفع المستوى الروحي والأخلاقي لشعب ألقت به في دياجير الهمجية حرارة الجو وجدب الصحراء، وقد نجح في تحقيق هذا الغرض نجاحًا لم يدانه فيه أي مصلح آخر في التاريخ كله، وقلّ أن نجد إنسانًا غيره حقق ما كان يحلم به.. ولم يكن ذلك لأنه هو نفسه كان شديد التمسك بالدين وكفى، بل لأنه لم يكن ثمة قوة غير قوة الدين تدفع العرب في أيامه إلى سلوك ذلك الطريق الذي سلكوه.. وكانت بلاد العربي لما بدأ الدعوة صحراء جدباء، تسكنها قبائل من عبدة الأوثان قليل عددها، متفرقة كلمتها، وكانت عند وفاته أمة موحدة متماسكة. وقد كبح جماح التعصب والخرافات، وأقام فوق اليهودية والمسيحية، ودين بلاده القديم، دينًا سهلاً واضحًا قويًا، وصرحًا خلقيًا وقوامه البسالة والعزة القومية. واستطاع في جيل واحد أن ينتصر في مائة معركة، وفي قرن واحد أن ينشئ دولة عظيمة، وأن يبقى إلى يومنا هذا قوة ذات خطر عظيم في نصف العالم".
".. لسنا نجد في التاريخ كله مصلحًا فرض على الأغنياء من الضرائب ما فرضه عليهم محمد -صلى الله عليه وسلم- لإعانة الفقراء..
" تدل الأحاديث النبوية على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحث على طلب العلم ويعجب به، فهو من هذه الناحية يختلف عن معظم المصلحين الدينيين..

ويقول «مايكل هارت» عن رسول الله : ( لقد أسس محمد ونشر أعظم الأديان في العالم ) .
وأصبح أحد الزعماء العالميين السياسيين العظماء، ففي هذه الأيام وبعد مرور ثلاثة عشر قرناً تقريباً على وفاته فان تأثيره لا يزال قوياً وعارماً متجدداً.
إن أكثر الأشخاص الذين كان لهم تأثير في الأرض إنما كانت لهم ميزات فائقة لأنهم ولدوا ودرجوا في مراكز حضارية، وترعرعوا في أحضان أمم ذات سمات ثقافية وسياسية واجتماعية بالغة الأهمية.

أما محمد فقد ولد في عام 570م، في مدينة مكة جنوب شبه الجزيرة العربية التي كانت في ذلك الوقت منطقة متخلفة عن الحضارة بعيدة عن المراكز الحيوية سواء كانت تجارية أم فنية أم علمية في العالم.

وبكل وضوح يعتبر القرآن الكريم النبي محمدا (صلى الله عليه و سلم) والجيل الأول من المسلمين، الذين كانوا معه، ناجحين في دنياهم وآخرتهم، إذ يقول تعالى: ﴿لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك هم المفلحون﴾.

ويكشف القرآن الكريم عن الحيوية والفاعلية التي اتسم بها هذا المجتمع ما جعله بحق يسطر الانجاز والنجاح تلو النجاح.

يقول تعالى واصفاً إياهم: ﴿ محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجدا يبتغون فضلاً من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة والإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً﴾.
ما الذي يقوله المفسرون في الوصف القرآني لهذا المجتمع الناجح، لنراجع ما يقوله المفسرون.

نجاح القيادة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم

مجلة عسكرية أمريكية تعرض دراسة عن عبقرية الرسول الكريم العسكرية
عرضت دورية عسكرية أمريكية دراسة رئيسة حملت عنوان "محمد: العقلية العسكرية الفذة",
والمجلة هي "فصلية التاريخ العسكري" المتخصصة في الدراسات العسكرية التاريخية، ويقوم بقراءتها كبار رجال القوات المسلحة في الولايات المتحدة ممن لهم اهتمامات بالشئون التاريخية وانعكاساتها المعاصرة.
وتوزع الدورية نحو 22 ألف نسخة، وهي من أقدم الدوريات المتخصصة في الشئون العسكرية, ويكتب فيها نخبة المؤرخين العسكريين الأمريكيين.
أما كاتب الدراسة فهو المؤرخ العسكري ريتشارد جابريل الذي عمل سابقًا في جهات حكومية مختلفة في الولايات المتحدة وخدم في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وله 41 كتابًا، ويقوم الكاتب بتدريس التاريخ والسياسة في الكلية الملكية العسكرية بكندا.
تذكر الدراسة في مقدمتها أنه من دون عبقرية ورؤية الرسول محمد العسكرية الفذة ما كان ليبقى الإسلام ويصمد وينتشر بعد وفاة الرسول. وتقول أيضًا: إنه ورغم توافر الكثير من الدراسات العلمية عن حياة وإنجازات الرسول، إلا أنه لا توجد دراسة تنظر لمحمد كأول (جنرال) عسكري في الإسلام.
وترى الدراسة أنه لولا نجاح الرسول محمد كقائد عسكري، ما كان للمسلمين أن يغزو الإمبراطورتين البيزنطية والفارسية بعد وفاته.
وتقول الدراسة: إن النظر للرسول محمد كقائد عسكري هو شيء جديد للكثيرين، حيث إنه كان عسكريًا من الطراز الأول, قام في عقد واحد من الزمن بقيادة 8 معارك عسكرية، وشن 18 غارة، وخطط لـ38 عملية عسكرية محدودة.
لابد أننا نجزم ونؤكد على أن رسولنا الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- هو رجل دولة الأول: سياسياً وعسكرياً. وفي كل مرة كان في القمة التي لا يرقى إليها أحد وهو الأمي الذي لا يعرف قراءة ولا كتابة مما يدل على أن المسألة هنا ربانية المبدأ والطريق والنهاية.

ولابد أن لنجاح القيادة السياسية نقاط توقف نختصرها كما يلي:

1ـ أولاً : استيعاب هذه القيادة لدعوتها وثقتها بها وبأحقيتها، وثقتها بانتصارها، وعدم تناقض سلوك هذه القيادة مع ما تدعو إليه.

2ـ ثانياً : قدرة القيادة على الاستمرار بالدعوة تبليغاً وإقناعاً.

3ـ ثالثاً : قدرة القيادة في استيعاب المستجيبين للدعوة تربية وتنظيماً وتسييراً.

4ـ رابعاً : وجود الثقة الكاملة بين القيادة وأتباعها.

5ـ خامساً : قدرة القيادة على التعرف على إمكانية الأتباع وأن تستطيع الاستفادة من كل إمكاناتهم العقلية والجسمية أثناء الحركة.

6ـ سادساً : قدرة القيادة على حل المشاكل الطارئة بأقل قدر ممكن من الجهد.

7ـ سابعاً : أن تكون هذه القيادة بعيدة النظر مستوعبة للواقع.

8ـ ثامناً : قدرة هذه القيادة على الوصول إلى النصر والاستفادة منه.

9ـ تاسعاً : قدرة هذه القيادة أن تحكم أمر بناء دولتها إحكاماً يجعلها قادرة على الصمود والنمو على المدى البعيد. وما عرف التاريخ إنساناً كمل في هذه الجوانب كلها إلى أعلى درجات الكمال غير محمد -صلى الله عليه وسلم- مع ملاحظة أن كمالاته هنا جانب من جوانب كمالاته المتعددة التي لا يحيط بها غير خالقها. ولنستعرض جوانب سيرة رسول الله، تلك الجوانب العملية لنرى براهين ذلك:

أ ـ استيعابه -صلى الله عليه وسلم- لدعوته نظرياً وعملياً وثقته بها وبانتصارها :
لقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- واضحاً تماماً في أن منطلق دعوته هو أن الحاكم الحقيقي للبشر لا يجوز أن يكون غير الله. وأن خضوع البشر لغير سلطان الله شرك، وأن التغيير الأساسي الذي ينبغي أن يتم في العالم هو نقل البشر من خضوع بعضهم لبعض إلى خضوع الكل لله الواحد الأحد.

والأمثلة كثيرة ولكني سوف اختار لكم منها:

طالب المشركين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر من مرة أن يطرد المستضعفين من المسلمين حتى يجلسوا إليه، وفي كل مرة كان يتنزل قرآن ويكون موقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرفض، ومن هذه ما أخرجه أبو نعيم عن ابن مسعود قال : من الملأ (أي السادة) من قريش على رسول الله وعنده صهيب وبلال وخباب وعمار –رضي الله عنهم– ونحوهم وناس من ضعفاء المسلمين فقالوا (أي الملأ مخاطبين رسول الله): أرضيت بهؤلاء من قومك؟ أفنحن نكون تبعاً لهؤلاء الذين منَّ الله عليهم؟ اطردهم عنك فلعلك إن طردتهم اتبعناك قال: فأنزل الله عز وجل: ﴿وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51) وَلَا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنْ الظَّالِمِينَ﴾. أخرجه أحمد والطبراني.

وبذلك يكفيك أن تعلم أن الناس يعتبرون العمل السياسي الإسلامي عملاً مثالياً لا يستطيعه أي إنسان فإذا ما عرفنا بعد ذلك أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- استطاع أن يقود الناس بهذا الإسلام. فلا نجد موقفاً من مواقفه تناقض مع نصوص ومبادئ دعوته، وعلمت أنه ما من زعيم سياسي إلا ويضطر للتناقض، إما لاحقا مع سابق أو دعوى مع عمل أو داخلياً مع خارجي، أدركت مدى الكمال في القيادة المحمدية، وخاصة إذا عرفت أنه لم يستطيع أن يرتفع من حكّام الأمة الإسلامية إلى القيادة بالإسلام الكامل بحق، إلا أفراد منهم الخلفاء الراشدون الأربعة، أما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد ساس الناس بالإسلام ولم ينزل بالإسلام إلى مستوى الناس، بل رفع الناس إلى مستواه على وتيرة واحدة ونسق واحد في الفكر والعمل.
ب ـ استطاعته -صلى الله عليه وسلم- الاستمرار بدعوته تبليغاً وإقناعاً:

هناك شيئان أساسيان يجب أن يتفطّن لها قادة الحركات السياسية الفكرية الجديدة:

أ) الحرص على استمرار عملية التبليغ والإقناع.

ب) البصر الحكيم بالموقف الذي يتخذ من الخصم.

إن أي دعوة من الدعوات إذا لم تستطع تأمين عملية استمرار التبليغ والإقناع تجمد ثم تنحصر ثم تموت. وأي دعوة من الدعوات لا تتخذ الموقف المناسب من الخصم تضرب ضربة ساحقة ثم تزول.

عندما ندرس هذين الجانبين في العمل عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تجد أنه -صلى الله عليه وسلم- قد نجح فيهما. فرغم تألب الجزيرة العربية كلها عليه، ورغم العداء العنيف الذي ووجه به، ورغم كل شئ فإن عملية التبليغ لم تنقطع لحظة من اللحظات.

أما للأمر الثاني، فأنت تلاحظ حكمة مواقفه تجاه العدو، فهو في مكة يصبر ويأمر أتباعه بالصبر، ولم يأمر بقتالهم، ولو فعل ذلك لخسر أتباعه قتلاً، ولشغل بذلك في قضايا الثأر، ولما أمكنه أن يتابع عملية التبليغ. فكسب بهذه الخطة كثيراً من القلوب.

فإذا ما انتقل إلى المدينة رأيت تجدد مواقفه على حسب الظروف الجديدة من معاهدة إلى سلام إلى حرب إلى ضربة هنا ووثبة هناك. ولكن هذا كله لم يؤثر بتاتاً على عملية تبليغ الحق وإقناع الناس به على كل مستوى وبكل وسيلة ملائمة.

وخلاصة القول: لا توجد حركة سياسية تقوم على أساس عقدي نجحت كما نجحت دعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي فترة قصيرة، وهذا يدلنا على أن الأمر أكبر من أن يكون – ولا التوفيق الإلهي – لهذا الرسول الأعظم الفذ على مدى التاريخ بين الرجال.

3 ـ قدرته صلى الله عليه وسلم على استيعاب أتباعه تربية وتنظيماً وتسييراً ورعاية:

أن الدعوة العقدية السياسية تصاب من قبل أتباعها بسبب قيادتها من نواح ثلاث:

أ) ألا تقدر هذه الدعوة على أن تربي أتباعها تربية نموذجية بحيث يعطي أتباعها صورة حسنة عنها، مما يؤدي إلى نفور الناس منها كأثر عن نفورهم من أصحابها، فيكون التابع حجة على الدعوة بدلاً من أن يكون حجة لها. وعلى العكس من ذلك إذا ما ربي أفرادها تربية نموذجية حية فإن الناس يؤمنون بهم قبل إيمانهم بدعوتهم، ويحبونهم قبل أن يعرفوا ما يدينون به، وكم رجال ضربوا دعوتهم بسلوكهم مع أنهم يحملون دعوة عظيمة.

ب) أن يدخل الدعوة ناس ولا تستطيع هذه الدعوة أن تسخر طاقاتهم في سبيلها. وأمثال هؤلاء يكونون في وضع مشلول فلا هم ضد الدعوة ولا هم يقدمون شيئاً لها.

ج) عندما لا يحس الأتباع بالرعاية الدائمة، والملاحظة التامة، وعندما لا يوضعون فيما يحس وضعهم به، أو عندما يحسون بأنهم منسيون، أو عندما لا يعرف الإنسان محله ومهمته بها، كل هذا يؤثر على نفسية الأتباع ويولد عندهم فتوراً عن الدعوة.
هذه النواحي الثلاث لابد من تلافيها لأي دعوة تقوم على أساس مبدأ معين وعدم تلافيها يعطل سير الدعوة ويقتلها. ومن دراستنا لحياة النبي -صلى الله عليه وسلم- نجد أنه يتجنبها وتجد ما يقابلها بشكل لا مثيل له بحيث لا تستغرب بعد كيف انتصرت هذه الدعوة وهذه الجماعة وكيف توسعت على مر الأيام.

فنرى:

• في الجانب الأول: تربية الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكيف أن الأمة الإسلامية كلها قد وُسعت تربية.

• في الجانب الثاني: ترى الحركية الدائمة التي كان يجعل أصحابه دائماً يعيشونها.

• في الجانب الثالث: ترى دقة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الرعاية والعناية والسهر على شؤون الأتباع بشكل عجيب، ولعل هذا الجانب أحق بالتمثيل

أخرج ابن إسحاق عن أم سلمة أنها قالت: لما ضاقت مكة وأوذي أصحاب رسول الله وفتنوا ورأوا ما يصيبهم من البلاء والفتنة في دينهم وأن رسول الله لا يستطيع دفع ذلك عنهم، وكان رسول الله في منعة من قومه ومن عمه، لا يصل إليه شئ مما يكره، ومما ينال أصحابه. فقال لهم رسول الله: (إن بأرض الحبشة ملكاً لا يظلم أحد عنده فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه

. وقد وجههم مرتين إلى الحبشة. مرة في السنة الخامسة، ومرة في السنة السابعة. حيث كان المسلمون مقدمين على أعظم مراحل الاضطهاد مرحلة المقاطعة الشاملة.

والأمثلة كثيرة وفيها دلالة على مبلغ دقة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في توجيه أصحابه بالشكل الذي يحمون فيه ويأمنون، وكيف أنه لا ينسى أحد منهم بل يستوعبهم جميعاً برعايته، وكيف يعدهم للحظة المناسبة، وكيف يسيّر كل واحد منهم بحكمة تناسب وضعه.

4 ـ الثقة التي كان يتمتع بها - صلى الله عليه وسلم- عند أتباعه:

للثقة بين الناس وقائدهم أهمية عظيمة جداً عند أصحاب الفكر السياسي، لذلك ترى في أنظمة الحكم الديمقراطية أن الحكومة تبقى حاكمة ما دامت متمتعة بثقة شعبها التي تعرفها ببعض الوسائل، وهذا حال الناس الذين يثقون بحكوماتهم ومتعاونين معها فإنهم يستطيعون بالتالي أن يسدوا النواقص. أما إذا فقدت الثقة فقد تلاشى كل شئ وفقدت الأمة قوتها ويضعف روحها المعنوية ويضرب اقتصادها وبالتالي يهوي بها.

لذلك كان من أهم عوامل القائد السياسي لأمة ثقة الأمة به ومحبتها له، فإن هذا إذا وجد يعوض كل النواقص وكل الفراغات فإذا ما وضح هذا بشكل عام نقول: أن تاريخ العالم كله لا يعرف مثلاً واحداً يشبه ما كانت عليه ثقة أتباع الرسول –صلى الله عليه وسلم- به. إن ثقة الناس بالقائد الرسول كانت ثقة غير متناهية يكفي لإدراكها أن ترى بعضاً من مواقف الصحابة في أدق وأصعب وأحوج الأحوال:

قال أبو الهيثم بن التيهان : يا رسول الله وإن بيننا وبين الناس حبالاً (أي أحلافاً وعهوداً) فلعلنا نقطعها ثم ترجع إلى قومك وقد قطعنا الحبال وحاربنا الناس. فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قوله وقال: الدم الدم، الهدم الهدم، وفي رواية: بل الدم الدم والهدم الهدم. أنا منكم وأنتم مني، أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم. ثم أقبل أبو الهيثم على قومه فقال: يا قوم هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشهد أنه لصادق وأنه اليوم في حرم الله وأمنه وبين ظهري قومه وعشيرته، فاعلموا أنه إن تخرجوه رمتكم العرب عن قوس واحدة، فإن كانت طابت أنفسكم بالقتال في سبيل الله وذهاب الأموال والأولاد فادعوه إلى أرضكم فإنه رسول الله حقاً، وإن خفتم خذلاناً فمن الآن. فقالوا عند ذلك: قبلنا عن الله وعن رسوله ما أعطيانا، وقد أعطينا من أنفسنا الذي سألتنا يا رسول الله، فخل بيننا يا أبا الهيثم وبين رسول الله فلنبايعه، فقال أبو الهيثم: أنا أول من بايع.

الأمثلة كثيرة وكلها تشعر الإنسان بمقدار الثقة التي كانت تملأ قلوب هذا الرعيل الأول مع معرفتهم بما سيترتب على هذه البيعة من آثار مخيفة. والحقيقة أن شخصية الرسول -صلى الله عليه وسلم كانت- من الأسر والقوة والنفاذ بحيث لا يملك من يخالطها إلا أن يذوب فيها، إلا إذا كانت شخصية معقدة، ولعل في قصة مولاه زيد بن حارثة ما يؤكد هذا المعنى. إذا يأتي أبو زيد وأعمامه ليشتروه ويرجعوا به إلى أهله حراً ولكن زيداً يختار صحبة محمد مع العبودية والغربة، على فراقه مع الحرية ولقاء الأهل. وهذه ظاهرة عجيبة أن يصارح زيد أهله بهذا، وهو ليس صغير السن بل كان وقتذاك ناضج الفكر فكافأه محمد -صلى الله عليه وسلم- (كان ذلك قبل النبوة) أن حرره وتبناه.

5 ـ استطاعة القائد الاستفادة من كل إمكانيات الأتباع العقلية والجسمية أثناء الحركة، مع المعرفة الدقيقة بإمكانية كل منهم ووضعه في محله :
إن عبقرية القيادة لا تظهر في شئ ظهورها في معرفة الرجال، ووضع كل في محله، واستخراج طاقات العقول بالشورى، واستخلاص الرأي الصحيح. وفي كل من هذين كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- الأسوة العليا للبشر.

إن الشورى في فن السياسة عملية تستجمع فيها طاقات العقول كلها لاستخلاص الرأي الصالح، ويتحمل فيها كل فرد مسؤولية القرار النهائي، ويقتنع فيها كل فرد بالنتيجة.

فيندفع نحو المراد بقوة وترتفع بها ملكات الفرد وروح الجماعة. ويبقى الإنسان فيها على صلة بمشاكل أمته وجماعته، ولذلك جعل الله أمر المسلمين شورى بينهم، حتى يتحمل كل فرد من المسلمين المسؤولية كاملة ولا يبقى مسلم مهملاً.

والظاهرة التي نراها في حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كقائد. حبه للشورى وحرصه عليها ومحاولته توسيع دائرتها واستخلاصه الرأي الأخير في النهاية:

قبيل غزوة بدر استشار الناس فأشار المهاجرون، فلم يكتف ثم استشار الناس فأشار الخزرج والأوس، ثم اتخذ قراره الأخير حتى يمحو أي تردد عن أي نفس. وقبيل يوم أحد استشار الناس وأخذ برأي الأكثرية. ويوم الأحزاب أخذ برأي سلمان الفارسي. ويوم الحديبية أشارت عليه أم سلمة زوجته فأخذ برأيها.

أنها القيادة التي لا تستكبر أن تنزل على رأي مسلم كائناً من كان، ما دام الرأي سليماً صحيحاً. والقيادة الصالحة هي التي تعمم الشورى حتى لا يبقى أحد عنده رأي إلا قاله وخاصة فيما يكون فيه غرم.

أما معرفة الرجال ووضع كل في محله المناسب له وتكليفه بالمهمة التي يصلح لها، فكذلك لا يلحق برسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحد فيها.

إن أبا بكر وعمر كانا في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلقبهما الصحابة بالوزيرين له، وكان يسمر معهما في قضايا المسلمين، ولما مرض -صلى الله عليه وسلم- أمر أبا بكر أن يصلي بالناس وهذا الذي جعل المسلمين يختارونه بعده خليفة، ثم كان عمر الخليفة الثاني، والناس يعرفون ماذا فعل أبو بكر وعمر يوم حكما الناس، فهل يشك أحد أن تركيز الرسول -صلى الله عليه وسلم- على هاتين الشخصيتين كان في محله، وأنهما من الكفاءة في المحل الأعلى، وأن رأي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيهما في محله. وهذان مثلان فقط وإلا فما اختار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً إلا ورأيت الحكمة في هذا الاختيار.

لكل مقام رجال وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر الخلق فراسة في اختيار الرجل المناسب للمقام المناسب.

6 ـ قدرته الكاملة -صلى الله عليه وسلم- على حل المشاكل الطارئة:

إن انهيار الدعوات والتنظيمات السياسية عادة ما يكون بسبب مشكلة طارئة لا تستطيع القيادة أن تحلها حلاً موفقاً، مما يؤدي إلى انقسام أصحابها أو ضربها والقضاء عليها. فكلما كانت القيادة أقدر على حل المشاكل كان ذلك أضمن لنجاح الدعوة.

وقد يحدث أن بعض القيادات تحل المشاكل حلاً غير مشروع، فتستعمل القوة مع أتباعها، فتبيد المعارضين أو تسجنهم كما نرى كثيراً من هذا في عصرنا الحاضر. إلا أن الظاهرة التي لا مثيل لها في تاريخ القيادات العالمية أنك تجد عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدرة لا مثيل لها على حل المشاكل بكل بساطة، هذا مع سلوك الطريق الألطف مع الأتباع. والذي عرف العرب عن كثب يدرك كفاءة هذه القيادة التي استطاعت أن تشق الطريق بأقل قدر ممكن من المتاعب.

أنه لا توجد أمة في العالم أكثر مشكلات من الأمة العربية، فالعوامل النفسية التي تثير المشاكل كثيرة جداً، فكلمة قد تثير حرباً، وجرح كرامة قد يؤدي إلى ويلات، ونظام للثارات وشعور بالولاء وعواطف متأججة وعصبية عارمة وجرأة نادرة وقسوة وصلابة وعدم انضباط، وكل واحدة من هذه تحتاج إلى قيادة تتمتع بكفاءة منقطعة النظير، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القائد الذي استطاع أن يدير أمر هذا الشعب القوي المراس ويحل كل مشاكله بكل بساطة.

وأبرز الأمثلة حله لمشكلة وضع الحجر الأسود قبل النبوة حين هدمت قريش الكعبة وأعادت بناءها.

في رواية ابن إسحاق للحادث قال: ثم أن القبائل جمعت الحجارة لبنائها كل قبيلة تجمع على حدة ثم بنوها حتى بلغ البناء موضع الركن فاختصموا فيه كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى حتى تحاوزوا وتحالفوا وأعدوا للقتال فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دماً ثم تعاقدوا هم وبنو عدي بن كعب بن لؤي على الموت وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في تلك الجفنة، فسموا لعقة الدم. فمكثت قريش على ذلك أربع ليال أو خمساً ثم إنهم اجتمعوا في المسجد وتشاوروا وتناصفوا فزعم (إذ يروي أن المشير على قريش مهشم بن المغيرة، ويكنى أبا حذيفة) بعض أهل الرواية: أن أبا أمية بن المغيرة عبد الله بن عمر بن مخزوم وكان عامئذ أسن قريش كلها، قال: يا معشر قريش، اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم فيه ففعلوا. فكان أول داخل عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما رأوه قالوا: هذا الأمين، رضينا، هذا محمد. فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر، قال -صلى الله عليه وسلم- هلمّ إليّ ثوباً، فأتي به، فأخذ الركن فوضعه فيه بيده ثم قال: لنأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب، ثم ارفعوا جميعاً ففعلوا. حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه هو بيده ثم بني عليه.

والنماذج كثيرة كلها تبين كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحل المشكلات اليومية بسرعة عجيبة فلا يبقى لها أي أثر. هذه الإمكانية العجيبة في حل المشكلات جعلت رجلاً كبرناردشو الأديب الإنكليزي المشهور يقول: ما أحوج العالم إلى رجل كمحمد يحل مشاكله وهو يشرب فنجاناً من القهوة (أي ببساطة!) .

ومن قرأ كتب الحديث رأى كثرة المشكلات اليومية والفردية والجماعية التي كانت تعترض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يسوس شعباً من أعصى شعوب العالم انقياداً وطاعة وسياسة، ومع هذا فما عرف أن مشكلة مرت عليه إلا وحلها بسهولة كاملة واستقامة مع منهج الحق الذي يدعو إليه والذي يمثل أرقى صور الواقعية والمثالية بآن واحد، وما كان ذلك ليكون لولا توفيق الله ورعايته.

7 ـ بعد نظرة -صلى الله عليه وسلم- وضرباته السياسية الموفقة:

إن الدارس لتصرفات رسول الله يجد أنه لا يوجد تصرف إلا وفيه غاية الحكمة وبعد النظر وهدف التخطيط .

فمثلاً يرسل كسرى إلى عاملة على اليمين (باذان) أن يهيج رسول الله، وأن يقبض على رسول الله ليرسله إلى كسرى، فيرسل باذان رجلين ليقبضا على رسول الله ويأتيا به إلى كسرى ويأمر باذان أحد الرجلين أن يدرس أحوال رسول الله، فلما وصل الرجلان أبقاهم الرسول عنده خمسة عشر يوماً دون رد عليهم وقُتل كسرى في اليوم الخامس عشر فأنبأهم -عليه السلام- بقتل كسرى يوم مقتله وأهدى أحد الرجلين منطقة فيها ذهب وفضة وأرسل إلى باذان رسالة مضمونها أنه إن أسلم أعطاه ما تحت يده وكان من آثار هذا كله أن خلع باذان ولاءه لكسرى وأسلم معلناً ولاءه لمحمد -صلى الله عليه وسلم-.

إن الأمثلة كثيرة جدا ولكن يبقى أن تدرك الأفق العالي الذي كان ينظر منه -عليه السلام- وتدرك أن قيادته جزء من صلته بالله المحيط علماً بكل شئ فكان مسدداً راشداً مهدياً.

8 و 9 - الوصول إلى النصر وتطبيق ما كان العمل من أجله بعد النصر وإحكام البناء بحيث يكون قادراً على الصمود في المستقبل ووضع أسس النمو الدائب المتطور بحيث تحتفظ الدعوة بإمكانية السير عبر العصور:

لقد مضى على بدء الإسلام أربعة عشر قرناً، ولا زال الإسلام في انتشار، ولا زال يتوسع، رغم كل ما تبذله الدعايات الكافرة من أعدائه، سواء كانوا أصحاب دين أو غير أصحاب دين بطرق منظمة وغير منظمة، فلا زال الإسلام هو الإسلام ولا زال قادراً على الحركة. ورغم الملابسات التاريخية التي أوقعت العالم الإسلامي في قبضة أعدائه، ورغم سيطرة الأعداء فالإسلام باق. ورغم أن الكافرين استطاعوا أن يهيؤا لأعداء الإسلام وسائل الانتصار داخل العالم الإسلامي فالإسلام شامخ يتحدى ويقهر.

وخلال هذا التاريخ الطويل سقطت دول تحكم باسم الإسلام وقامت دول تحمل الإسلام واستوعب الإسلام الجميع. وفي كل مرة كان الإسلام محمولاً حق الحمل كان أصحابه هم الغالبين وحضارته أرقى الحضارات وما ذلّ المسلمون إلا من تقصيرهم وتفريطهم وجهلهم بالإسلام.
القرون الوسطى عند الأوروبيون قمة التأخر والقرون الوسطى عندنا قمة التقدم وكانوا يومها متمسكين بدينهم وكنا لا زلنا متمسكين بديننا ومن هنا مفرق الطريق، حيث كان الإسلام حمل أتباعه على التقدم وحيث كان غير الإسلام ديناً كان تأخر. وهذا هو الإسلام يصارع الآن على كل مستوى شرقاً وغرباً فكراً وسلوكاً وهو في كل حال أبداً غالب وأن اضطهد المسلمون فذلك لقوة فكرهم لا لشيء آخر.

وما أحد يجهل أن روح الجهاد في قلوب المسلمين هي التي حررت العالم الإسلامي من قبضة مستعمريه في عصرنا هذا. لقد استطاع الإسلام أن يفعل هذا لأن الأساس الذي بناه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- له خلال ثلاثة وعشرين عاماً كان من القوة بحيث يحمل كل العصور ويسع كل العصور.

أن الظاهرة التي نراها في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه خلال عشر سنوات فقط كان كل جزء من أجزاء دعوته قائماً يمشي على الأرض على أكمل ما يكون التطبيق، وكل جزء من أجزاء دعوته قابلاً للتطبيق خلال كل عصر، وما مر عصر إلا ورأيت الإسلام مطبقاً بشكل من الأشكال. فإذا ما عملت بأن دعوة سياسية فكرية تحتاج إلى عشرات السنين حتى تنتشر وتنتصر وقد تطبق وقد لا تطبق أدركت أن العملية هنا ليست عملية عادية وإنما هي شئ خارق للعادة تحس وراءه يد الله. وتحس بالتالي أن الدين دين الله وأن محمداً عبده ورسوله..
هذا ما وفقني الله لجمعه من كتب عديدة في السيرة النبوية لابن هشام وهذا الرسول لسعيد حوى وكتاب رسول الإسلام الرحمة المهداة للعبد الضعيف أحمد أبو وائل أكرم عمير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
. (1)
كتبه وجهزه : أحمد أبو وائل أكرم عمير
من شهر ذي الحجة – حي مرماد – ولاية غارداية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://oldcoins.ahlamontada.com/
 
أفضل الناجحين "محمد" خير خلق الله كلهم صلى الله عليه وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حلقة خاصة بعنوان(عذراً رسول الله) بحضور الشيخ محمد حسان والشيخ محمد حسين يعقوب وآخرون نسخه اصليه
» هل كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يصوم العشر الأوائل من ذي الحجة؟!!
» بانوراما السيرة النبوية عرض رائع صوت وصورة للسيرة محمد صلي الله علية وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أحلى منوعات النت مرحباً بكم :: '¸.•' المنتديات الإسلامية'¸.•' :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: